إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
محاضرة في النصرية
4503 مشاهدة
المراد بالسلف

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد..
نتحدث بشيء من عبادات سلف الأمة وأئمتها؛ فإن في ذكر عباداتهم ما يدل المؤمن على الاجتهاد في العبادة، ويحثه على المبادرة إليها.
فالسلف -رحمهم الله- هم الصحابة والتابعون، وتابعو التابعين، وهم الذين ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- فضلهم بقوله: خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم .
هكذا ذكر فضلهم، وذكر العلماء أن من بعدهم حصل فيهم التفرق والاختلاف؛ فلأجل ذلك إذا ذُكر السلف فالمراد بهم الصحابة والتابعون وتابعيهم، أي تابعي التابعين فإنهم الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة، وإنهم سلف الأمة وأئمتها، وفيهم أئمة الهدى، وفيهم مصابيح الدجى، وفيهم الأقطاب، والأبدال، وفيهم الأئمة الذين قام بهم الدين وبه قاموا، والذين نصروا الله، ونصروا رسوله، ونصروا الإسلام بأقوالهم وبأفعالهم، والذين تبعوا النبي -صلى الله عليه وسلم- في أقواله وأفعاله؛ فلأجل ذلك كان من اقتدى بهم وصار على نهجهم فإنه على الهدى المستقيم، ومن أخطأ طريقهم فقد ضل.
وأحوالهم متشعبة، وحياتهم مزدهرة بكل أنواع الخير، وأنواع العبادات، فإن تحدثت عن أحوالهم وسيرتهم في الدعوة إلى الله، وفي الجهاد في سبيله، وفي الغيرة على المحارم وجدت في ذلك الخير الكثير والأحوال العظيمة.
وإذا تحدثت عن سيرتهم في العلم والتعلم، وبذل الجهد في تلقي العلوم وفي بثها وتعليمها لمن يستحقها وجدت خيرا كثيرا وأعمالا كثيرة تدل على ما خصهم الله تعالى به وما فضلهم به.
وكذلك إذا تحدثت عن إنفاقهم، وبذلهم للأموال في سبيل الله وفي سبيل رضا الله فإنك تجد ذلك في سيرتهم الشيء الكثير.
وأنا أتحدث عن شيء من سيرتهم في العبادة، في الصلاة وفي الذكر وما أشبه ذلك؛ ليكون ذلك تذكيرا لمن يسمع ذلك لعله أن يتعظ به، وما ذاك إلا أننا نجد قسوة في القلوب، ونجد شبه إعراض، أو شبه تثاقل في العبادات فرضها ونفلها.